الذي يعرف الملف الأسود لجرائم السفاح القذافي لا يمكنه أن يستغرب المحرقة الأخيرة التي أمعنها في أهله، فالمجنون سجل منذ عقود اسمه بحروف من دم في قائمة مجرمي الحرب الأبشع في التاريخ ولا أدل على ذلك من الوقائع التي يندى لها جبين البشر.
منذ الأيام الأولى لحكمه، سارع القذافي إلى أسلوب الحكم بالوسائل القمعية، فسارع بإنشاء -اللجان الثورية- التي كانت مهمتها منذ البداية -حماية الثورة- وتجنيد جميع العناصر التي تمثل أي رفض أو معارضة لخط العقيد القذافي أو تصفيتها. وكان للجان الثورية اليد الطولى في قمع الانتفاضات الطلابية في الجامعات الليبية في أفريل 1976 وأفريل 1977، فقد تولت وأشرفت على انتهاك حرمات الجامعات وطرد الطلبة وسجنهم ونصب المشانق لهم، ثم انبرت إلى عمليات الزحف على البيوت والأملاك والأعمال التجارية والسفارات الليبية، حيث شرعت في تنفيذ برامج التصفيات الجسدية للمعارضين في الخارج.
ومن أبشع جرائم السفاح القذافي قتله 1200 سجين أضربوا في سجن أبو سليم في طرابلس فأمر بإعدامهم رمياً بالرصاص. استحل دماء الناس من أبناء شعبه وأبناء غير المسلمين بتفجير طائراتهم كما فعل مع الطائرة الأمريكية فوق لوكيربي، والطائرة الفرنسية فوق النيجر، قبل أن يعترف ويعتذر ويقبل بدفع أموال الشعب الليبي كتعويض عن جريمته إرضاء للغرب. أما أبناء بلده الذين صلاهم بالحديد والنار وشرَد منهم زهاء 70.000 ألف بين قتيل وسجين وطريد عام 1985 وحدها، فليس لهم إلا الشكوى إلى الله.